samedi 31 décembre 2011

بحث حول " الاقتصاد القياسي بين المفهوم والأهمية "

الاقتصاد القياسي لا يعطى الأهمية اللازمة في جامعاتنا
مفهوم الاقتصاد القياسي: Econometrics
يعتبر الاقتصاد القياسي أحد أحدث فروع علم الاقتصاد، وهو أسلوب من أساليب التحليل الاقتصادي حيث يهتم بتقدير العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية من الناحية الكمية.
وهناك الكثير من التعريفات لهذا المصطلح وعلى الرغم من اختلافها بالصيغة إلا أنها تشترك بأنها تعتبر الاقتصاد القياسي نوعاً خاصاً من التحليل الاقتصادي يستخدم كلاً من النظرية الاقتصادية والرياضيات الاقتصادية والإحصاء للوصول إلى نتائجه.
وهناك آراء مختلفة حول نشأة الاقتصاد القياسي منها ما يقول إنها تعود إلى الاقتصادي البريطاني William petty أواخر القرن السابع عشر. ومنها ما يقول إنها تعود إلى الإحصائي الألماني Ernest engel عام (1821-1896) الذي توصل إلى مجموعة من قوانينه من خلال أبحاثه.
ولكن منذ بداية القرن العشرين شهد الاقتصاد القياسي تطوراً ملحوظاً حيث ظهرت في هذا المجال أعمـــال كل مــن Irving fisher والأميركي Henry schults وغيرهما...
ونظراً لأهمية الاقتصاد القياسي في التحليل الاقتصادي تأسست في أميركا عام 1930 الجمعية الدولية للقياس الاقتصادي، وحقق بعدها الاقتصاد القياسي تقدماً سريعاً وتطوراً كبيراً في دراسة الظواهر الاقتصادية المختلفة وتقدير دوال (توابع) الإنتاج والتكاليف والنماذج القياسية التي تصف العلاقات الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي.
وساعد تطور وتوسع استخدام الحاسبات الالكترونية وبرامج التحليل على فتح آفاق جديدة بوجه هذا العلم.
علاقة الاقتصاد القياسي بالعلوم الأخرىللاقتصاد القياسي علاقة وثيقة مع كل من علوم النظرية الاقتصادية والرياضيات الاقتصادية والإحصاء كما يلي:
1- نقــوم مــن خلال النظـريـــــة الاقتصــاديــة (Economic Theory) بدراسة العلاقة بين المتغيرات وبين الظاهرة المدروسة والعوامل المؤثرة عليها، أي إن النظرية الاقتصادية تزودنا بطبيعة واتجاه العلاقة بين المتغيرات، والاقتصاد القياسي يحدد ويقيس هذه العلاقة كمياً.
2– الاقتصاد الرياضي(Mathematical Economics):
يقتصر دوره على صياغة العلاقة التي تم تحديدها اعتماداً على النظرية الاقتصادية على شكل رموز ومعادلات رياضية، ومسألة قياس متغيرات هذه المعادلات وإثبات ملاءمتها للظاهرة المدروسة من مهمات الاقتصاد القياسي.
3– الإحصاء (Statistics): ويتمثل دوره في تجميع البيانات الإحصائية الخاصة بالمتغيرات المدروسة واللازمة للدراسة، وكذلك تطبيق الاختبارات الإحصائية المختلفة على معالم النماذج لبيان معنوية تأثير كل عامل من العوامل على الظاهرة المدروسة، ومعنوية العلاقة وتعبيرها عن الظاهرة المدروسة ومعالجة أخطاء التقدير تمهيداً لتبني هذه العلاقات.
تطبيقات الاقتصاد القياسييعتبر مجال تطبيق الاقتصاد القياسي واسعاً جداً حيث يشمل كافة الظواهر الاقتصادية:
- على مستوى الاقتصاد الجزئي: حيث يمكن استخدام تطبيقاته لتحديد دوال (توابع) الإنتاج والتكاليف على مستوى المنشأة وكافة اشتقاقاتها مثل دوال الناتج المتوسط والناتج الحدي والتكلفة المتوسطة والحدية. وكذلك يقيس تأثير العوامل المؤثرة على الإنتاج كمياً، ويحدد الحدود المثلى من كل عامل التي يجب إدخالها في العملية الإنتاجية، ويحدد التوليفة المثلى من العوامل مجتمعة التي تحقق أفضل عائدية.
- على مستوى الاقتصاد الكلي: يمكن باستخدام النماذج القياسية تقدير دوال الاستهلاك والطلب للسلع المختلفة على المستوى الكلي. وكذلك دوال الإنتاج (بصيغها غير الخطية المختلفة).
كما يمكن بناء نماذج قياسية(متعددة المعادلات) توصف الاقتصاد ككل وتتضمن دوال الدخل القومي والاستثمار والاستخدام والاستهلاك والتجارة الخارجية (الصادرات والواردات).
- ويمكن استخدام تطبيقات الاقتصاد القياسي في بعض الدراسات الاجتماعية.
النماذج القياسية: Econometrics modelsتعتبر النماذج القياسية أهم أدوات الاقتصاد القياسي المستخدمة لتوصيف الظواهر الاقتصادية المدروسة لذلك لا بد من توضيح مفهوم النماذج القياسية:
النموذج القياسي: هو عبارة عن علاقة( معادلة) أو منظومة من العلاقات الرياضية التي تربط بين المتغيرات الاقتصادية وتسهل وصف طبيعة العلاقة بينها بصورة خالية من التفاصيل والتعقيد وممثلة للواقع، ويضاف إلى متغيرات النموذج المتغير العشوائي الذي يمثل تأثير العوامل غير القابلة للقياس والتقدير على الظاهرة المدروسة فيدرج تأثير هذه المجموعة من العوامل تحت اسم المتغير العشوائي.
يرمز للمتغيرات برموز رياضية فالمتغير التابع مثلاً يرمز له عادةً بالرمز(Y) ويرمز للمتغيرات المستقلة بالرموز (X1, X2, X3….) حيث تمارس المتغيرات المستقلة تأثيرها على المتغير التابع، وتسمى هذه العلاقة بالعلاقة الدالية أي إن كل تغير في قيمة المتغير المستقل يؤدي إلى تغير في قيمة المتغير التابع.
تأخذ العلاقة بين المتغيرات صيغاً مختلفة أهمها: الصيغة الخطية وهي أبسط هذه الصيغ، والصيغة الأسية واللوغاريتمية، والصيغة التربيعية والتكعيبية.
أهمية استخدام الاقتصاد القياسيتأتي أهمية الاقتصاد القياسي من نتائج التطبيقات المختلفة وإمكانية توظيفها للتحكم في الظواهر المدروسة:
1– التقدير الكمي لتأثير العوامل المؤثرة على الظواهر الاقتصادية المدروسة من حيث حجم التأثير واتجاهه، وهذا يجعل عملية التحكم واضحة وسهلة، وكذلك العمليات الاقتصادية من خلال التحكم بالعوامل المؤثرة فيها.
2- عند تقدير دوال الإنتاج على المستوى الجزئي، يمكن تقدير تأخير كل عامل من العوامل المؤثرة على الإنتاج وتحديد المقادير المثلى من كل عامل التي يجب إضافتها للحصول على أعلى إنتاجية وأقل تكلفة.
3– القرارات المتخذة استناداً إلى نتائج الدراسات القياسية تكون رشيدة لأنها تستند إلى نتائج وعلاقات دقيقة
ومعنوية وتقديرات منطقية ومختبرة.
4– يمكن من خلال النماذج القياسية التنبؤ بتغيرات الظاهرة المدروسة بتغير العوامل المؤثرة عليها وبتغير الزمن.
5– سهولة قراءة الظواهر حيث يعتبر النموذج اختصاراً واضحاً ورقمياً للعلاقة بين المتغيرات.
6– يعمل الاقتصاد القياسي على استبعاد أخطاء التقدير الشخصي للباحثين، وكذلك يقيس العلاقة الحقيقية، ومدى الارتباط الفعلي، وليس العلاقة الظاهرية بين المتغيرات.
من خلال تقصي واقع الاقتصاد القياسي في سورية نجد أنه لا يعطى الأهمية اللازمة على مستوى الدراسة الجامعية والدراسات العليا في الكليات المعنية.
وعلى مستوى المراكز البحثية والمؤسسات الاقتصادية المختلفة نجد أن الدراسات القياسية وتطبيقاتها قليلة وأن الإلمام بهذا الجانب من البحث محدود ويقتصر على بعض المهتمين، ولهذا الكثير من الآثار السلبية بسبب محدودية هذا الجانب البحثي المهم وعدم الاستفادة من التطبيقات العملية لنتائج دراساته وأبحاثه.
مما سبق نجد أن الاقتصاد القياسي يجب أن يولى اهتماماً كبيراً في المرحلة الجامعية الأولى في الكليات ذات الصلة بهذا الموضوع وكذلك في مراحل الدراسات العليا المختلفة.
وأرى أيضاً ضرورة تبني هذا النوع من الدراسات في المؤسسات والهيئات الاقتصادية والبحثية كافة وذلك عن طريق تأهيل وتدريب الأشخاص المناسبين على القيام بهذا النوع من الدراسات وعلى استخدام البرامج الحاسوبية المتعلقة بالتحليل الاقتصادي والإحصائي.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire